الإسلام و الاخر عالمية الرسالة .. وحقوق الإنسان

عدد الرسائل : 108 نقاط : 5825

الإسلام و الاخر
عالمية الرسالة .. وحقوق الإنسان

بقلم الدكتور: جعفر عبدالسلام
الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية

إن خاتم الأنبياء والمرسلين محمد "[" كان ومازال وسيظل أعظم عظماء البشر. ولم لا وهو الذي اختاره ربه واصطفاه لرسالته العالمية الخاتمة. وهو الذي رباه فأحسن تربيته. يقول "[" عن نفسه: "أدبني ربي فأحسن تأديبي". ومن شأن مَنْ رباه الله أن يكون مثلا كاملاً.. بل كان "[" كما وصفته السيدة عائشة قرآناً يمشي علي الأرض.. لقد استطاع النبي الرحيم أن ينظم علاقة المسلم بربه. وعلاقة المسلم بأخيه المسلم. وعلاقة المسلم بغير المسلمين. علي أسس ربانية تضمن سلامة المجتمع وتنقيته من غوائل الحقد والكراهية والمكر والتدمير. وتضمن حرية المعتقد لغير المسلم. وتضمن سلامة أصحاب هذا المعتقد لغير المسلمين. وتضمن أيضاً وصول دعوة الإسلام إلي كل ربوع الدنيا. علي أساس من الحكمة والموعظة الحسنة..
لقد أرسل النبي محمد "[" رسائله الشهيرة إلي حكام وملوك عصره يدعوهم فيها إلي الإسلام. هذه الرسائل لها دلالاتها المهمة في حياة الدعوة. وطبيعة هذا الدين الجديد أنها تعني أن الدعوة ليست محلية. وليست موجهة لهداية خراف بني إسرائيل الضالة. كما كان يقول المسيح. ولا لإنهاء عذاب بني إسرائيل من فرعون مصر. إنها دعوة عالمية. ودعوة خاتمة في نفس الوقت.. فإذا كانت رسائل سيدنا محمد "[" تفيدنا وجوب تبليغ الدعوة للناس كافة. فإن العديد من الآيات والأحاديث قد جاءت نصاً صريحاً في هذا الموضوع. ومن هذه النصوص قوله تعالي: "وَمَا أرْسَلْنَاكَ إلا كَافَّةً للناس بشيرًا ونَذيرًا" "سبأ: 28". وقوله: "قُلْ يا أَيُّهَا الناسُ إنِّي رسول اللَّه إليْكُمْ جَميعًا الَّذي له مُلْكُ السَّمَاواتِ والأرْضِ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ يُحْيِي ويُميتُ فَآمِنُوا باللَّهِ ورسُولِهِ النَّبِيّ الأُمِّي الَّذي يُؤْمِن باللَّهِ وكَلماتِهِ واتَّبِعُوهُ لعلكم تهْتَدُون" "الأعراف: 158". ومن الأحاديث الناطقة بعالمية الدعوة أيضاً ما رواه البخاري أن النبي "[" قال: "أُعْطيت خمسًا لم يُعطهنَّ أحد من الأنبياء قبلي... منها: وكان النبي يُبعث إلي قومه خاصة. وبُعِثْت إلي الناس عامة".
وقول "[" في حجة الوداع: "فليبلغ الحاضر منكم الغائب". ويفهم من هذا كله أن الرسالة للناس كافة. والدعوة لكل الناس لهداية البشر وإخراجهم من الظلمات إلي النور. ومن الطبيعي أن تكون كذلك لأنها آخر رسالات السماء التي بلغت الأرض. ولن تكون بعدها رسالة.. ومن ثم كان الفتح الإسلامي لتبليغ الدعوة» لحمل من لم يقبل أن تذاع أو أن تنتشر بين قومه سلماً علي فتح الباب أمام المسلمين» لإعلانها وتبليغها لتحقيق حرية العقيدة. فليس الغرض من إرسال الجيوش وفتح الأقاليم إجبار الناس علي قبول الدعوة.. وبالتالي لم يكن الهدف فرض العقيدة وإنما كان لتحقيق حرية العقيدة. ليمكن لأي راغب في المعرفة أن يقبلها دون أي معوق.. إن الفتح الإسلامي لم يكن للغلبة أو لفرض دين جديد علي الناس. وإنما لتبليغ الدعوة. لذا لا يجوز في دين الإسلام مبادأة قوم باستخدام السلاح. وإنما لابد من دعوتهم إلي الدين الجديد أولاً وشرح أسسه ومعالمه لهم. فإن أبوا أن يقبلوه. طلب منهم دفع الجزية. والجزية في مفهوم الإسلام. عقد أمان. فالسبب فيه هو أن يتاح للمسلمين تبليغ الدعوة بحرية في دار عهد أو دار أمان.. والسلاح لا يستخدم إلا إذا رفض الحاكم قبول تبليغ الدعوة. ورفض السماح للمسلمين تبليغها في الأماكن الخاضعة له. وإن سمح فلا عليه. وإن أسلم هو فله ما للمسلمين من حقوق وعليه ما عليهم من واجبات.
لذا إذا تعينت الوسائل السلمية لتبليغ الدعوة فلا يوجد أي مبرر للفتح والجيش والسلاح. ويكفي في ذلك تحقيق حرية الرأي وحرية التعبير في أي مجتمع. وسماح الحكام لمن يرغب في أن يتلقي أو يلتمس أو يعلم بأي شكل. حتي يكون المجتمع الدولي.. لذا يدخل الناس في دين الله أفواجاً بطرق عديدة غير الفتح والجيش الآن. كانتشار الإسلام بالسلوك الحسن "القدوة" ودخول العلماء الأفذاذ في الإسلام عن طريق قراءة كتاب الله أو تفاسير له مترجمة إلي لغات أخري. أو عن طريق الإقناع بمعلومات بُلِّغت إليه بكافة وسائل التعبير الحديثة في الكتابة. والرسم. والقول الحسن. خاصة وقد تعددت الوسائل مثل: الشبكة الدولية للمعلومات الإنترنت. والإذاعات المسموعة. الأحاديث التي تلقي في المجتمعات الخاصة أو العامة. المحاضرات والندوات والمؤتمرات والنشرات... إلخ.. وهي من الأمور المشاهدة الآن بوضوح. وينتشر الإسلام بها اليوم انتشاراً واسعاً. تحقيقاً لعالمية الرسالة المحمدية..

Admin عدد الرسائل : 862 نقاط : 6435